لا يرتبط النصر النهائي بين إرادتين على مبدأ الهزيمة العسكرية الساحقة، فقد يمكن تحقيق نصرًا مظفرًا سياسيًا يأتي بنفس النتائج العسكرية.
لكنَّ ذلك لا يمكن أن يحدث استثاءً عن وجود قوة عسكرية هي الأصل بالضغط السياسي، وإلا فإن الضعيف لا يمكنه فرض شروط ولا إملاء رأي.
"قد تنجح قوة صغيرة بسيطة التسليح في كسب حرب ضد عدو متفوق متطور، وتتحصل على ما تريد من خلال الميدان أو التفاوض، وكلاهما بالعموم مرتبط ببعضه البعض".
لدينا أمثلة كثيرة حول أن كسب المعارك سياسيًا أحيانًا يكون أعظم نتيجة من خوضها قتاليًا، ولعل أجمل مثال يغنينا، هو يوم الحديبية وخطواته ثم تأثيراته إلى نتائجه.
لكن يلزمنا فهم حقيقة دامغة: ما كان ليصير نصرًا نتيجة الصبر والثبات وحدهما، بل ترافق ذلك مع قوة الإرادة وديمومة العمل في الميدان وبساحات مختلفة، والنشاط الدائم في الأعمال العسكرية التي تعتبر صغيرة نسبيًا بحجمها إلا أنَّ تأثيراتها كانت ضخمة نتيجة التخطيط الفذ وترتيب الأولويات وعدم العجز أو استصغار العمليات أو استحقار المهام مهما كانت صغيرة، لأن النظرة العامة ستكون مجموع لما سبق وليست نظرة جانبية في العمل ذاته.
أدهم عبد الرحمن الأسيف
إن واقع حالنا متشابه إلى حد بعيد مع كثير من فصول التاريخ التي كان فيها الصراع بين قوى عظمى وقوات مستضعفة تسعى لكسب الحرب أما عسكريًا من خلال الاستنزاف، أو سياسيًا من خلال قهر إرادة العدو، وفي الحالتين يعني العمل الدائم مهما كان بسيطًا، فهو يحقق الاستنزاف على المدى الطويل ولو كان محدودًا، أو يحقق قهر الإرادة عند العدو عاجلًا أو آجلا.
والمطلبين لا يتحققا إلا بالعمليات العسكرية المباشرة أو الغير مباشرة لجعل العدو ومصالحه ضمن دائرة الشعور بالخطر الدائم.
والتجارب تقول: تكاليف نتائج الهجوم غالبًا أقل من تكاليف نتائج الدفاع.، وما يُخشى من الهجوم سيكون أضعافه في الدفاع.
أدهم عبدُ الرحمن الأسيف
تعليقات