التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠٢٢

مروان حديد رجل في زمن القهر والاستبداد

في عام 1965م وقعت أول مواجهة مسلحة (صغيرة) بين شباب من أبناء السُنَّة بقيادة الشيخ المجاهد مروان حديد ونظام البعث النصيري في مسجد السلطان بمدينة حماة. (مروان حديد يُعتبر من أشهر وأوائل الذين أعلنوا الجهاد ضد حزب البعث وكشف نواياه وفهِمه حتى قبل أن يستفحل خطره ويتمكن، وهو الزعيم المؤسس والأب الروحي للطليعة المقاتلة التي أرقت وأوجعت نظام البعث على مدار سنوات، وهو الشخصية التاريخية الحاضرة في عقول كل الأحرار المتتابعين في الشام ورمز من رموز حماة الأبية هذه المدينة التي يعجز القلم أن يكتب عن كل بطولاتها ومدى عزيمة الرجال فيها). كان مروان حديد قد عاد من مِصر عام 1964م بعد أن أكمل دراسته هناك وحصول على البكالوريوس من كلية الهندسة، لكنه في الوقت ذاته كان قبل السفر لمصر يهدف ويتوق للقاء سيد قطب وتلاميذ حسن البنا، أما عن سبب لهفته للقائهم فهو بنفسه يرويه لنا، يقول: "لقد كنت اشتراكيًا بدافع البيئة التي أعيشها بين أشقائي وبدافعٍ من واقع الأمة المرير الذي يبحث عن طريق الخلاص من الاستبداد المُسلّط على الإنسان البسيط، وفي يوم من الأيام دخلتُ البيت وإذ بأخي الكبير أحمد يقول: قتل اليوم أخطر رجل ع

مقتل المستبد الصغير وتأهيل البديل

في عام 1994 ميلادي قُتل باسل ابن حافظ المجرم إثر ما قيل أنه حادث سيارة طبيعي، لكن التكتم على التفاصيل وشعور الناس بالصراع الداخلي بين المافيات في الدولة اصطحب معه شكوك كثيرة حول حقيقة مقتل باسل، وقد قيل أن من قتله هم أقربائه على خلفية خلاف حاد متعلق ببيع وتهريب الأسلحة والمخدرات، ومما ساهم في تصديق تلك الروايات سعي حافظ ثم بشار من بعده لتحصيل الأرصدة الضخمة التي تركها باسل بعد مقتله في البنوك السويسرية ويُقال أنها تتعدى ملايين الدولارات، وكل المحاولات في استعادة الأموال فشلت حتى الآن. هذه العائلة القذرة النتنة من الأصل نجس، قبل سنوات كانت تشتهي رغيف الخبز وتفرح لمكرمة أو مساعدة تتلقاها من المحسنين المتعاطفين!، باتت بعد ذلك تتحكم بدولة كاملة فتنهب وتسلب وتبتز دونما رادع أو شعور بأدنى مستوى من شيء اسمه "ضمير". شكل مقتل باسل صدمة لحافظ المجرم الذي كان يعده ويهيئه ليكون خليفته في الاستبداد والطغيان، فلم يكن الإعلام الرسمي أو المحلي يجرؤ على تمجيد أحد غير حافظ "قائد الدولة والمجتمع" غير أن باسل حظي بنفس التمجيد مما يدل على رغبة حافظ في تصديره، فكان باسل في الإعلام هو &qu

الأخوين المتنافسين على الإجرام

في عام 1984 ميلادي حرك رفعت المجرم (شقيق حافظ) الموالين له في أفرع الأمن والمخابرات بالإضافة لسرايا الدفاع التي أسسها قبل عشرين عامًا بدعم من حافظ لتكون السرايا قوة مضمونة الولاء ومتفوقة في إحباط أي انقلاب قد يحدث ضد العائلة النجسة التي بدأت تتغلغل في كامل مفاصل الدولة، حاصرت قوات رفعت المجرم مراكز الأمن بالدبابات في دمشق بالإضافة لمقر الإعلام الرسمي في الفترة التي كان حافظ ملقى على فراش المرض في المشفى العسكري. كانت مبررات رفعت عدم رضاه عن سياسة حافظ حيال كثير من الأمور، تحديدًا فيما يخص طريقة الحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وفيما يبدو رفعت كان يرى حافظ لين "ربما" في بعض القضايا!، فرفعت المجرم أشتهر عنه حبه الشديد للدماء واستمتاعه بالعنف المطلق وبغضه الشديد لأهل السُنَّة، لكنه أرعن غبي مختلف عن حافظ المجرم الذي كان يتمتع بذكاء وهدوء مكناه من المكر والغدر حتى تمكن ثم أحكم قبضته على مدار ثلاثة عقود. شعر حافظ بحركة مريبة من رفعت وتنامت لمسامعه من جواسيسه نية انقلاب رفعت، فعمد لإزاحة رفعت بهدوء وبدون صدام دموي، فقام بعزله من قيادة سرايا الدفاع ووعده بمنصب آخر يكون مناسب. لم

انقلاب المجرم على المجرم

في عام 1969 ميلادي كان الصراع قد احتدم تمامًا بين آخر عضويين في اللجنة الخماسية (تحدثنا عنها سابقًا)، أي بين صلاح جديد والمجرم حافظ ليكون لحافظ الحظ الأوفر بامتلاك أوراق القوة ومن خلفه أخوه المجرم رفعت الذي طالت أذرعه بدعم حافظ، حتى صار حزب البعث أشبه ما يكون مقتصر على حافظ ومن معه من الموالون له، بل صار حافظ يتخذ القرارات بدون العودة للرئيس صلاح جديد (كان صلاح قد صار رئيسًا للبلاد من خلال الانقلاب). وبخطوات مدروسة وبعد سلسلة طويلة من التآمر وحرب التجاذبات "الداخلية في الحزب" استطاع حافظ أن يسيطر على كامل وسائل الإعلام في البلد، الرسمية والخاصة، المنطوقة والمكتوبة والمشاهدة، كما أنه أغلق كل وسيلة إعلام موالية لصلاح جديد أو تابعة له حتى لم يعد "للرئيس" أي وسيلة إعلامية في بلد من المفترض أنه الحاكم فيها، والغريب أن حافظ لم يقم بالانقلاب على صلاح (فساد) بالرغم من كل تلك الخطوات التي أقدم عليها، فأبقى على صلاح جديد في منصبه الذي بات من الواضح أنه أشبه ما يكون بالرئيس الصوري، وعلى ما يبدو أن حافظ لم يكن يرغب بتكرار نمط الانقلابات الكثيرة التي جرت، فعمد لانقلاب مختلف يحمل

حزب البعث يخطو باتجاه الاستبداد بالسلطة

في عام 1963 ميلادي وبعد الانقلاب (انقلاب حزب البعث) جرى توقيع وثيقة تضمنت مشروع وحدة جديد بين كلٍ مصر وسورية والعراق، كانت اللجنة الخماسية (ذكرناها في منشور سابق) ما زالت تعمل بنشاط محاولةً استثمار كل حدث ومشروع في سبيل تحقيق طموحاتها، وقد كان مشروع الوحدة يمثل ركيزة في الشعارات البراقة التي تنادي بها كثير من الأحزاب من بينهم حزب البعث (وحدة حرية اشتراكية – أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)، وبكل تأكيد لم تكن اللجنة الخماسية ولا حزب البعث يرغبون بأي مشروع وحدوي لا يكونون فيه الرأس الأوحد، لكن التماشي مع رغبة "الجماهير" كان في سبيل كسب مزيد من الوقت لتثبيت الأقدام بالإضافة لكسب مزيد من التأييد عبر تلك الشعارات الفارغة المضمون والشكل. لم يكن طرح مشروع الوحدة وتوقيع الوثيقة ليدوم، فسرعان ما انتهى في مهده عندما جرت محاولة انقلاب فاشلة في سورية اتضح أنها بدعم مصري!، نتج عنها تسريح مئات الضباط الناصريين (   أيديولوجية سياسية   اشتراكية   عربية قومية  تستند إلى فكر جمال عبد الناصر  الرئيس المصري في ذلك الوقت) كما تم إعدام نحو خمسة وعشرون ضابط من الانقلابيين على رأسهم الضابط جاسم علوا

اللجنة الخماسية السرية ودورها في سوريا

في عام 1958 ميلادي جرت الوحدة بين سوريا ومصر ليصبح اسم الدولة الجديد: الجمهورية العربية المتحدة التي لم تدم طويلًا، على كل حال لم تكن تلك الوحدة التي طبل لها الأطراف إلا لغايات شخصية وحدت مصلحة طرفي الاتحاد في تلك الأثناء (جمال عبد الناصر رئيس مصر وشكري القوتلي رئيس سورية)، هذه المصالح التي وصلت سريعًا لمفترق طرق، كما أن حزب البعث العربي الاشتراكي (الحزب الصاعد – حزب أغلب قياداته من الأقليات تحديدًا النصيرية) لم تكن الوحدة لتحقق له -أي للحزب- ما كان يرغب ويطمع، تحديدًا القيادات العسكرية من الحزب، فعمد بعض الضباط في الحزب لمجابهة الوحدة بطرق سرية عبر أدوات مختلفة وطرق متنوعة بدأت بتشكيل لجنة عرفت باسم اللجنة الخماسية السرية في عام 1959 ميلادي وتتكون من: المقدم محمد عمران (نصيري) – الرائد صلاح جديد (نصيري) – النقيب حافظ المجرم (نصيري) – الرائد أحمد الأمير (إسماعيلي) – النقيب إسماعيل الجندي (إسماعيلي). هذه اللجنة القذرة سيكون لها دور كبير في أحداث كثيرة كما سيأتي معنا تباعًا. وأول المهام والأمور التي اتفقت عليها اللجنة السرية، هو إعادة تنظيم حزب البعث داخل القوات المسلحة، أي من الممكن أن

النصيرية من أقلية مهمشة إلى سلطة الاستبداد المطلق

من أقلية على هامش التاريخ والجغرافيا إلى قوة وحيدة في سوريا الحديثة! في عام 1921ميلادي أي بعد احتلال فرنسا لسوريا بعام واحد، افتتحت باب الانتساب ضمن ما أسمته "الفيلق السوري" وعُرف أيضًا باسم "قوات الشرق الخاصة". كان التركيز الفرنسي على جذب الأقليات المذهبية والعرقية تحديدًا "النصيرية" كما تشير الكثير من الدراسات والكتب المتعلقة بتأريخ سوريا الحديثة. وجد العلويين فرصة لهم في التطوع، ففرنسا قدمت لهم ترغيبات كثيرة منها منحهم فرصة لتلقي تعليم جيد، بالإضافة للرواتب المغرية للطائفة الفقيرة المشتتة، كما أن الخدمة العسكرية منحتهم شيء من السلطة تحت الحماية الفرنسية، كما صار بإمكانهم التوغل في المدن للتعايش مع المدن الحضرية بسبب أماكن خدمتهم بعدما كانوا في الجبال والأرياف المهمشة، وكلما زادت المغريات تضاعف تدفق النصيرية على وجه الخصوص للالتحاق بالفيلق. أما أهل السُنَّة وهم الغالبية الساحقة في البلد، فكان موقف الغالبية منهم بالنسبة للخدمة العسكرية تحت الاحتلال الفرنسي سلبي جدًا، إذ كانوا يعتبرونه عار وذل وخيانة، وبالتالي فكان الواقع الطبيعي أن يتنامى نفوذ النصيرية تح