التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سلاح الإعلام


"سلاح الإعلام"
الحملات الإعلامية التي لا تحمل أهداف واضحة، غالبًا تأتي بنتائج معاكسة بسبب ظهور أمور غير متوقعة.

تهدف الحملات الإعلامية في المشاريع الثورية لمجموعة من الأهداف، تختلف تلك الأهداف بحسب الحاجة للحملات أو ظرف الحملة وتوقيتها، ومن أهم أهداف تلك الحملات:
1-التجنيد
تُنظِم الجماعة الثورية الحملات بغية تجنيد عناصر جدد في صفوفها، ويكون الانتساب أما لمعسكرات رسمية أو على شكل مجموعات سرية.

2-الدعم
يتم تنظيم الحملات الثورية بغية الحصول على الدعم المادي أو المعنوي، ويستهدف جماهير الثورة أو الجماهير المتعاطفة، ويكون هدف الدعم المعنوي ذا رسالة سياسية أكثر من أي شيء آخر.

3-الإحباط
وهي ضمن الحرب النفسية ضد أفراد العدو، يتم خلالها استهدافهم معنويًا ونفسيًا عبر الوسائل المتاحة والتي على رأسها بث صور قتلاهم وأسراهم ومتاجرة القادة بهم في سبيل المصالح الشخصية.

4-الثبات
تنطلق بعض الحملات في أوقات معينة بين الحين والآخر لرفع مستوى الروح الثورية والتأكيد على التمسك بالقضية، وضرورة مثل هذه الحملات غاية في الأهمية، ليشعر الفرد أنه ضمن جماعة ومجموع كبير، فشعور الفرد يتأثر بين كونه فرد أو ضمن مجموعة صغيرة وبين كونه ضمن جماعة أو مجموع ضخم.

5- لفت الانتباه
هناك حملات خاصة بلفت الانظار، أنظار مجتمعات العالم نحو قضايا صغيرة بالنسبة للعالمية، لكن الحملات الناجحة تستطيع وضع القضايا محل اهتمام واسع النطاق وأن تفرض نفسها وسط القضايا الأخرى الكبرى.

6- التهديد
هناك حملات تستهدف العدو أو القوى الفاعلة الأخرى، وتسرب لهم رسائل غير مباشرة حول الخيارات الثورية الممكنة في حال خطر محدق يؤثر على المشروع الثوري أو يتهدده بالفناء.

7- التحريض
تحريض شرائح من المجتمع المحكوم بنظام العدو من خلال إثارته ضد الفساد الذي يتغول ويزداد اتساعًا جراء الحرب، أو حثهم على التعاون مع الثورة على اعتبارها "شرف وطني"، وتقدم الحملة مجموعة من الخيارات التعاونية أو واحدة منها، على سبيل المثال تقديم الدعم المعلوماتي حول الحواجز والمواقع، وقد تكون معلومات لا تحمل أهمية بذاتها، لكن تحمل أثر معنوي ونفسي.

لقد كان فيما مضى دور بارز للمنشورات الورقية والصحف والمجلات ثم الإذاعة والتلفزة، وفي عصرنا الراهن باتت وسائل التواصل أكثر انتشارًا وأوفر مجهودًا وأقل تكلفة، وبالفعل فإن كثير من المشاريع الحزبية والتنظيمية والثورية نجحت في استثمار الأدوات بما يخدم أهدافها.
في الثورة السورية كان هناك محاولات عديدة، لكن فقدان مركزية الإعلام كان له أثر سلبي، وزاد الأمر سوءًا التصدعات الفكرية الداخلية والانحيازات الحزبية، وبرغم ذلك ثمة إمكانية في العمل الجماعي على الحملات الإعلامية التي تكون أهدافها محل إجماع.
قد لا يبدو للغالبية أن الأمر يحمل أهمية، لكن بكل تأكيد أنه غاية في الأهمية في القضايا الثورية، وهذه الحقيقة من لم يكتشفها حتى الآن فلن يكتشفها ولو عاش ألف تجربة.

إن التنظيم للحملات الإعلامية يشبه إلى حد كبير تنظيم القطعات العسكرية قبل أن تدخل ساحة المعركة، فهي تحتاج خطة مدروسة بناءً على معلومات ومعطيات، ثم يتم توزيع المهام بشكل دقيق وفق المطلوب، ومع انطلاق الحملة تكون إدارة الحملة متابعة عن كثب لكل مرحلة ومتيقظة لسير العمل، متنبهة لردود الفعل التي من الواجب قياسها على خط الهدف للتأكد من سير العملية بنجاح أو الحاجة للانتقال إلى خطط بديلة، في الوقت ذاته تكون تلك الإدارة مراعية كل انتباهها لفرص جديدة تصنعها ظروف الحملة على نحو غير متوقع.
━━━━━━━━━━━━
أدهم عبد الرحمن الأسيف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بين الإعمار وأثر الدمار

أيهما أفضل؛ إزالة آثار الحرب والنهوض بإعمار بقعة المحرر، أم ترك آثار الحرب؟ إزالة آثار الحرب والانشغال بالمشاريع و"نهضة" المحرر، وإن كانت تحمل معها إيجابيات، إلا أن سلبياتها أكبر بالمنظور القريب والبعيد. والأسباب يمكن توضيحها أو لفت الانتباه لها كالآتي: -غياب آثار الدمار والحرب سينعكس سلبًا على مسيرة الثأر في النفوس الملتهبة، ولا يعني ذلك ترك الطرقات سيئة والدمار الذي يعطل سير الحياة، إنما القصد سيتبين فيما يأتي. -بناء المشاريع الضخمة من مطاعم ومنتزهات وغيرها، يصرف الجهد عما هو أولى، ألا وهو صب الجهد والمال في طريق التحرير، ثم أن الذي يرتاد تلك الأماكن غالبًا ليسوا مقاتلين، أولئك الذين هم أولى بالتفكير بمشاريع يستفيدون منها بشكل مباشر بدل أن يستفيد "التجار" على حساب رباط وثبات المجاهدين. -النفس تتطبع مع ما يتكرر أمام العين من رؤيا، ورؤية المحرر منشغل بالعمار والمشاريع وضخ الأموال الضخمة، سيصرف الناس إلى أن تعتاد حياتها وتبتعد عن فكرة التضحية والعودة للدمار والخوف على الحياة ومصالها. -الحدائق العامة والكافيتريات وغيرها من مشاريع الترفيه، غالبًا يرتادها فئة الشباب، وأ

معضلة السد والتكيف

قبل الحديث عن مفهوم "معضلة السد" لا بد من المرور على مفهوم "التكيف"، وكما هو معروف فللتكيف أنواع كثيرة؛ أهمها: التكيف النفسي وهو ما يتعلق بسلوك الفرد نتاج قدرته على الإدراك. وبحكمة من الله تعالى فإن الكائنات جميعها تمتلك القدرة على التكيف بمحيطها ومع المتغيرات في سبيل البقاء والاستمرار، إلا في حالات نادرة يصعب فيها التكيف، ومن تلك الكائنات الإنسان الذي وهبه الله  ﷻ  قدرة عجيبة على التكيف الجسدي والنفسي والعقلي.  ومن أهم الأمور التي تكيف معها الإنسان هي المتغيرات عامة ومنها المتغيرات الفكرية خاصة؛ حيث يخضع الإنسان للتكيف مع تلك المتغيرات بشكل تدريجي متأثرا بعوامل كثيرة، أهمها الإحساس فإما أن يكون التكيف إيجابيا من خلال الإحساس بما حوله أو أن يكون التكيف سلبيا وذلك بوقوعه في الاضطراب، كذلك التخطيط فإما أن يكون التكيف إيجابيا من خلال التخطيط الجيد ورسم التوقعات والاحتمالات وطرق التصرف فيها أو أن يكون التكيف سلبيا بسبب قصر العقل أو اللامبالاة، وأيضًا الرغبة والقناعة فإما أن يكون التكيف بشكل إيجابي من خلال الإرادة المتقدة المتجددة أو أن يكون التكيف سلبيا بسبب فتور الهمة

النصيرية من أقلية مهمشة إلى سلطة الاستبداد المطلق

من أقلية على هامش التاريخ والجغرافيا إلى قوة وحيدة في سوريا الحديثة! في عام 1921ميلادي أي بعد احتلال فرنسا لسوريا بعام واحد، افتتحت باب الانتساب ضمن ما أسمته "الفيلق السوري" وعُرف أيضًا باسم "قوات الشرق الخاصة". كان التركيز الفرنسي على جذب الأقليات المذهبية والعرقية تحديدًا "النصيرية" كما تشير الكثير من الدراسات والكتب المتعلقة بتأريخ سوريا الحديثة. وجد العلويين فرصة لهم في التطوع، ففرنسا قدمت لهم ترغيبات كثيرة منها منحهم فرصة لتلقي تعليم جيد، بالإضافة للرواتب المغرية للطائفة الفقيرة المشتتة، كما أن الخدمة العسكرية منحتهم شيء من السلطة تحت الحماية الفرنسية، كما صار بإمكانهم التوغل في المدن للتعايش مع المدن الحضرية بسبب أماكن خدمتهم بعدما كانوا في الجبال والأرياف المهمشة، وكلما زادت المغريات تضاعف تدفق النصيرية على وجه الخصوص للالتحاق بالفيلق. أما أهل السُنَّة وهم الغالبية الساحقة في البلد، فكان موقف الغالبية منهم بالنسبة للخدمة العسكرية تحت الاحتلال الفرنسي سلبي جدًا، إذ كانوا يعتبرونه عار وذل وخيانة، وبالتالي فكان الواقع الطبيعي أن يتنامى نفوذ النصيرية تح